أخر الاخبار

محمد على وبناء الدولة الحديثة

          محمد على والتقدم الزراعى والصناعى

 

 تعرف على شخصية نيلسون ولويس الرابع عشر واهم اعماله


التقدم المادي

أراد محمد علي أن ينهض بالبلاد بإدخال الإصلاحات الغربية فيها ابتداءً، وفاتَه أن البلاد كانت تسبح في ظلمات الجهل، وأنها في حاجة إلى زمن كبير تنفقه في التعليم حتى تصل إلى درجة تمكِّنها من استثمار الأرض بالطرق الفنية، وإدارة المعامل والسير في التجارة حسبما يقتضيه النظام الأوروبي الذي عمل على إدخاله في البلاد. ولا شك أنه كان يشعر بشيء من ذلك، إلا أن الأحوال التي وُجِدَ فيها كانت تحتِّم عليه السير في هذه الطريق بسرعة؛ إذ كان في شدة الحاجة إلى المال للإنفاق على الجيش ودفع الجزية للباب العالي، وإرضاء أولي الشأن في القسطنطينية، ورأى أنه لا يتم له هذا الغرض إلا إذا جعل جميع موارد البلاد تحت سيطرته مباشرة؛ من زراعة وصناعة وتجارة.

تعرف على شخصية احمد عرابى والناصر صلاح الدين 

محمد على والتقدم الزراعى والصناعى

تعرف على محمد على ورئاسة الجند وقضائه على المماليك وتوصيد سلطته على مصر 

الزراعة:

كانت الزراعة أول عمل وجَّه إليه محمد علي عنايته الخاصة؛ إذ رأى أنها ينبوع ثروة البلاد، وعليها يتوقف أهم دخلها السنوي؛ فجعل زراعة جميع الأراضي تحت إشرافه، كي لا يفرَّ أحد من دفع الضرائب، وتشدد لذلك في المحافظة على الأمن العام، فقبض بيدٍ من حديد على عصابات اللصوص التي كانت منتشرة في جميع أنحاء البلاد.

ولم يكتفِ بضرب الضرائب الفادحة، بل عزم على نزع مِلكية جميع الأراضي ليستغلها على نفقته الخاصة، فلما همَّ بإبراز هذه الفكرة إلى حيز الفعل قامت في وجهه صعوبات عظيمة كان لا بد من تذليلها؛ وذلك أن الأراضيَ الزراعية في مصر كان بعضها أوقافًا خيرية يدير شئونها جماعة العلماء، وكان جزء آخر كبير جدًّا ملكًا للمماليك أصحاب الشأن والنفوذ في البلاد، وما بقي كان في قبضة عامة أفراد الأمة، فاستعمل محمد علي مع كل طائفة من هؤلاء التهديد والوعيد، حتى أصبح المالك الوحيد لأكثرها؛ فإنه استولى على أملاك المماليك في الوجه البحري بعد حربه مع الإنجليز وطرده المماليك من ريف مصر إلى صعيدها.

واستولى بعد ذلك على معظم الأراضي الموقوفة التي كانت تحت رعاية العلماء، فجعل الوقف تحت رقابته من غير أن يحله، فاحتجَّ عليه العلماء وتجمهروا وعارضوه معارضة شديدة، فأقنعهم بالدليل القاطع أنه الوالي من قِبل الخليفة الذي يتولى أمور المسلمين جميعًا، فهو أحق فرد في مصر برعاية الوقف؛ ومن هذا الوقت بقي الوقف تحت إشراف الأسرة المحمدية العلوية.

ونزع بعد ذلك ملكية الأراضي التي كانت لبقية الأفراد، مدعيًا حقَّ التسلط على كل الأراضي؛ لأنه الحاكم النائب عن الخليفة المالك للأرض بحكم الفتح الإسلامي القديم، فاستحضر كل المُلَّاك وطلب منهم إبراز حقوق ملكيتهم، فقدموا إليه حججهم رغم أنوفهم، فكان يضرب ببعضها عُرض الحائط، ويُظهر بطلان بعضها، ويُمنِّي بعضَ الملاك أحيانًا بعوض يُعطاه من الخزانة. ولما أصبحت جميع الأملاك في قبضة يده جمع كل ما لديه من الحجج وأعدمها، وبتعاقب الأيام أصبح من المستحيل معرفة ما كان للمماليك أو للوقوف أو لأفراد الأمة من الأرض؛ إذ لم تَقْوَ المحاكم على معارضة محمد علي، وكانت الأهالي تحت رحمته؛ وبذلك أصبح معظم أراضي القطر في قبضة يده إلا جزءًا يسيرًا كان في قبضة بعض العلماء والأمراء.

اهتم بعد ذلك بتدبير الوسائل التي تسهِّل عليه زراعة هذه الأراضي، فاستخدم الفلاحين طبعًا في زراعتها، فأصبحوا بمثابة الموالي، وكانت القاعدة أنه مادام الفلاح قادرًا على دفع ما فُرض عليه أداؤه من ثمرتها، يبقى في الأرض يتعيَّش منها وتخلفه من بعده ذريته.

تعرف على شخصية نابليون بونابرت واهم انجازاته

وظل الفلاحون هكذا محرومين من التمتع بحق امتلاك الأراضي إلى زمن غير بعيد، وذلك عندما سنَّ سعيد باشا قانونه المختص بأرض مصر، وتلاه من بعده قانون المقابلة الذي وضعه إسماعيل باشا، ثم القانون الذي سنَّتْه المحاكم الحديثة خاصًّا بحق امتلاك الفلاح للأرض.

ثم أمر محمد علي مديري البلاد بمسح الأطيان، وتقدير عدد الفدادين التي تخص كل قرية، ماعدا الضِّياع التي كانت توهب للمقرَّبين وذوي الحظوة؛ فهذه كانوا لا يتدخلون في أمرها، وكانت بالطبع شيئًا قليلًا، أما العدد الأوفر من القرى المصرية فكانت تحت سيطرة محمد علي؛ إذ كان يدير شئون كل قرية فئة من مشايخ البلد يرأسهم عمدة مُنصَّب من قِبل المدير، مسئول أمامه عن مقدار ما يُطلب من قريته من الضرائب؛ ولذلك كان العمدة يوزع الأراضي على الفلاحين حسب اختياره، ثم يجمع منهم الضرائب على قدر ما يفلح كلٌّ من الأرض. وما أشبهَ الفلاحَ في هذه الحالة بالحيوان تحت رحمة العمدة! أما العمدة فكان مَثَلُه كمَثَل السوط في يد المدير الذي كان صاحب البأس والسطوة الذي لا يسيطر عليه أحد إلا الوالي مالك مصر الوحيد.

هذه هي الطريقة التي اتبعها محمد وسار على مقتضاها عامًا، وبها أمكنه أن يجنِّد الجيوش، ويعدَّ الأساطيل، ويحارب الأمم ويُخضعها.

وكان من عادته أن يعيِّن أنواع المحصولات التي تُزرع في كل بقعة من بقاع المملكة، ثم تؤخذ المحصولات جميعها وتوضع في أهراء الحكومة، ويُقدِّر أثمانها طائفة من رجال الحكومة؛ فكان جزء منها يؤخذ في مقابل الضرائب التي على الأرض، وما بقي تشتريه الحكومة فتصنع بعضها في مصانعها، والجزء الأعظم يباع إلى التجار الأوروبيين؛ وبهذا احتكر محمد علي كل التجارة في مصر.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نذكر شيئًا عن المحصولات التي جلبها هذا المصلح الكبير إلى البلاد ولا نزال ننتفع بها، وكانت نتيجة زرعها ازدياد ثروة البلاد؛ مما أعانه على شنِّ الغارة على أعدائه. وأهم هذه النباتات وأعظمها ربحًا للبلاد القطن الذي أشار بغرسه المسيو "جوميل" ، وهو أحد النساجين الفرنسيين المستخدمين بالحكومة المصرية وقتئذٍ، وقد أنتجت تجارب زرعه محصولًا حسنًا، لجودة التربة وملاءمة الجو؛ وبذلك ابتدأ طور جديد في تاريخ مصر المادي. وجلب بذوره من الهند أولًا، ثم من أمريكا فيما بعد من صنف يُعرف بقطن "الجزائر"، وهو أجود نوع في العالم. وقد كان يُزرع القطن في مصر قبل عصر محمد علي بقرون عديدة، غير أنه كان من صنف رديء، ولا يُعرف تاريخ جلبه إلى البلاد.

تعرف على نشأة المذهب الشافعي والامامالشافعى


وقد عُني فرنسي آخر بزراعة القِنَّب في مصر، لصنع الحبال اللازمة للأسطول، بزراعتها من جزائر الهند الشرقية، وأحضر من آسيا الصغرى زُرَّاعًا مهرة في زراعة الخشخاش، وزرع الغابات والحِراج، ليستغنيَ بها عن الأخشاب التي تُجلَب من البلاد الأجنبية. ولم يَفُتْه تحسين زراعة الجنائن؛ إذ أنشأ ابنه إبراهيم باشا في جزيرة الروضة حديقة غنَّاء، فيها من الفاكهة والرياحين ما لذَّ وطاب، وذلك بهمة رجل أيقوسي من مهرة العالِمين بفن الجنائن.

ومما سبق يظهر جليًّا أن جلب هذه المحصولات وزراعتها، وتحسين حالة الري، - مما سيأتي ذكره عند الكلام على الأعمال العامة - كان من أكبر النعم على مصر لو كان الفلاح يضمن بيع محصوله بأثمان مناسبة، ولكن لسوء حظه كانت معاملاته كلها وبيع محصوله يتوقف على عمَّال الحكومة الذين يلاحظون الزراعة، وعلى أمانة الذين يقدِّرون أثمان المحصولات التي كانت تشتري جميعَها الحكومة. والظاهر أن الفلاحين كانوا يتحمَّلون في ذلك مغارم كبيرة؛ إذ كانت تُشترى منهم بأثمان بخسة وموازين مغشوشة، فضلًا عن أنهم كانوا لا يأخذون أثمان سلعهم نقدًا، بل في معظم الأحيان يُجبَرون أن يبادلوا بها مصنوعات معامل الحكومة ترويجًا لها.

الصناعة:

رأى محمد علي أن الممالك الصناعية بأوروبا على جانب عظيم من الثروة وسعة الرزق، فحاول إدخال صناعاتها في مصر، وأن يشجِّع الصناعات الوطنية أيضًا، حتى يتسنى له صنع كل ما يحتاج إليه من لوازم الجيش ومعدات الأسطول، وينافس الغرب في صناعة المنسوجات.

ولا يخفى ما في ذلك من المصاعب لضرورة جلب الفحم والحديد والأخشاب والآلات من الخارج، ولأنه أيضًا يلزم المصريين زمن طويل وخبرة كبيرة حتى يصلوا إلى درجةٍ بها يمكنهم أن ينافسوا أعمال أوروبا. إلا أنه قاوم كل هذه الصعوبات وأنشأ عدة معامل في أنحاء القطر، وفت بغرضه مدةً من الزمان.

فمن أهم ما أنشأه معامل الغزل ونسيج القطن والحرير والكَتَّان والصوف. فكان للقطن خاصةً ثمانية عشر معملًا في أمهات مدن القطر، كالمنصورة ودمياط ورشيد - التي كان ينسج فيها كِرْباس أشعة السفن - وفي المحلة الكبرى وزفتى ومُنية غمر وبني سويف. وأهم هذه المعامل معمل بولاق، وكان يسمى "معمل مالِطة" لكثرة المالطيين فيه، وكان رئيسه المسيو "جوميل" الفرنسي.

وأنشأ مُبَيِّضَةً للمنسوجات بين بولاق وشبرا.

وأنشأ في بولاق معملًا للجوخ، أحضر له في مبدأ الأمر رجالًا من الفرنسيين لإدارته، ثم أرسل الشبان إلى معامل "سيدان" و"ليون" بفرنسا ليتعلموا صناعته، فلما رجعوا حسَّنوا صناعة هذا الصنف، وصار يُستعمل في ملبوس الجيش.

وأسس مصابغ للمنسوجات استعمل فيها النيل - النيلة - الذي كان يستخرج من البلاد.

وأنشأ كذلك معملًا عظيمًا للطرابيش بمدينة فُوَّه بإدارة رجل مغربي، وجلب له مهرة العمال من تونس، فنجح نجاحًا باهرًا؛ إذ كان ما يصنعه في اليوم يربو على طربوشًا.

 تعرف على شخصية طه حسين واهم اعماله


وأنشأ أيضًا معامل للسكر في الصعيد؛ أهمها معمل الروضة ومعمل ساقية موسى، وأوجد معاصر للزيت، فكان في الوجه البحري منها عشرون، وفي القاهرة أربعون.

وقد وجَّه عنايته الخاصة إلى إيجاد جميع المواد الأصلية اللازمة لهذه الصناعات في البلاد المصرية؛ فأكثر من زراعة القطن والقِنَّب والكَتَّان - كما أسلفنا - وربَّى الأغنام وعُني بأمرها عناية عظيمة، وجلب كل صنف منها لتحسين نوع الصوف الذي في البلاد، غير أن ذلك لم يُجْدِ نفعًا لعدم ملاءمة الجو لهذه الأغنام؛ فاضطُر أخيرًا للعدول عن ذلك بعد أن بذل فيه كل مجهود.

واجتهد أيضًا في إنماء دودة القز في البلاد، ليستغنيَ بنتاجها عما يأتي إليه من الخارج، فزرع لأجلها أشجار التوت بوفرة في رأس الوادي، وحفر السواقيَ لريها، وجلب أناسًا كثيرين ممن لهم دراية بتربية دودة القز، فبلغ ما جمعه من الحرير عشرة آلاف أقة تقريبًا.

هذه بعض المصانع التي شيدها محمد علي في أنحاء البلاد، وناهيك بمصانعه الأخرى من المسابك وغيرها من لوازم الجيش والأسطول. ولكنها لم تَدُمْ طويلًا للصعوبات التي بيَّنَّاها آنفًا، وتلاشى بعضها في مدة حياته، واضمحل الباقي عقب موته، وأصبحت كأن لم تكن؛ يشهد بذلك ما قاله أحد مهندسي الإنجليز من أنه "زار دار الصناعة ببولاق عقب وفاة محمد علي، فوجد فيها من الآلات المهملة ما لا تقل قيمته عن  جنيه."

والسبب في عدم اضمحلال هذه المعامل جملةً في أيام محمد علي يرجع إلى أمرين؛ أولهما: أنه كان القابض على زمام مالية البلاد، فكان ينفق على هذه المعامل كل ما تحتاج إليه. ثانيهما:

أن المحصولات التي كان يشتريها من الأهالي كان لا يدفع ثمنها نقدًا، بل كان يبادل بها منهم مصنوعات المعامل. على أن معظم المعامل - كما سبق - أُغلق في أواخر أيامه، وبادت البقية الباقية منها في أيام عباس الأول.

  تعرف على كليبر و كل ما تريد معرفته عن تولى الخديوى إسماعيل حكم عرش مصر


مع تمنياتى بالسعادة

عبدالرحمن مجدي - Abdo magdy
بواسطة : عبدالرحمن مجدي - Abdo magdy
انا عبدالرحمن 🥰 بحب الطبخ جدا 💖وبحب اجرب اكلات جديده وغريبه 😋
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-