نسيبة بنت كعب
في تاريخ العرب قبل الاسلام وبعد
ظهوره، ظهرت اسماء نسائية صنعت امجادا في ميدان الحرب والسلم، حملت السيف تدافع عن
الحق وكتبت بالقلم شعرا ونثرا، وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم احاديث كثيرة .
اسمها ونسبها:
هي
أم عمارة نسيبة بنت كعب بن عمرو بن النجار إلى بني الخزرج، وهي القبيلة التى كانت تسكن بالمدينة المنورة
بجانب قبيلة الأوس، وبالتحديد من بطن بني النجار أخوال عبد المطلب بن هاشم جد رسول
الله صلى الله عليه وسلم، وأمها هي الرباب بنت عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن
مالك بن غضب بن جُشم بن الخزرج ، وقيل أن
والدة"نسيبة بنت كعب" قد شاركت فى غزوة أحد ،وتكنى " نسيبة بنت كعب
" بــ" أم عمارة ".
مبايعة رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
وفي شهر ذي
الحجة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر ، خرج ثلاثة وسبعون رجلًا وامرأتان من
الأنصار في موسم الحج (الأولى هي " أم عمارة" نسيبة بنت كعب رضي الله
عنها ، والثانية "أم منيع" أسماء بنت عمرو رضي الله عنها ) ،
وبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على نصرته ، وعلى السمع والطاعة في
العسر واليسر ، وألا ينازعوا الأمر أهله، وأن يقولوا كلمة الحق أينما كانوا، وألا
يخافوا في الله لومة لائم ،وتمت تلك البيعة المباركة ، وبايعت " أم
عمارة" رسول الله ،فعادت أم "عمارة "إلى المدينة وهي تحمل أمانة
هذا الدين العظيم ، فما إن وصلت إلى المدينة حتى قامت لتنشر الإسلام بين النساء في
المدينة وبين أولادها وأهلها وقومها.
أوائل أهل يثرب دخولًا في الإسلام:
وكانت السيدة "أم عمارة" رضى الله عنها من أوائل أهل
يثرب دخولًا في الإسلام، وعندما هاجر رسول الله إلى يثرب، كانت من المخلصات في نشر
الدين، وعاهدت الله على السير قدما فى طريق الدعوة فصدقت الوعد والعهد، وجاهدت مع
الرسول فى سبيل الله فى كثير من الحروب والغزوات، فقال عنها رسول الله (فلم تبال
بجراحها أو خسارتها التى أصابتها في سبيل إعلاء كلمة الله .)
زوجها:
تزوجت
السيدة "أم عمارة" قبل الإسلام زيد بن عاصم الأنصاري وهو من الصحابة
الذين شهدوا بيعة العقبة وبدر ثم أحد ، وأنجبت " أم عمارة " للصحابي
"زيد بن عاصم " ولدين الأول " حبيب" الذي شهد بيعة العقبة
وأحد والخندق وباقي الغزوات مع رسول الله ، وبعثه رسول الله إلى
"مسيلمة بن حبيب" (مسليمة الكذاب ) في اليمامة لما تنبأ فقطّع مسيلمة
أطرافه وألقاه في النار حتى مات لما لم يشهد لمسيلمة بالنبوة ، وعبد الله ، والابن
الثاني هو "عبد الله " الذي أجهز على مسيلمة بن حبيب بسيفه في معركة
اليمامة بعد أن رماه وحشي بن حرب، وقد قُتل "عبد الله" يوم الحرة سنة 63
هـ رضي الله عنه .
وتزوجت
"أم عمارة " للمرة الثانية من غزية بن عمرو الأنصاري، أن طلقها
زيد بن عاصم الأنصاري ، وقيل أن زوجها زيد قد مات بعد بدر فتزوجت من بعده وكان
"غزية بن عمرو" أيضًا ممن شهد بيعة العقبة وأحد، وهو أخو سراقة بن عمرو،
وأنجبت له " ضمرة " ، ولأم عمارة ولد آخر يدعى" تميم " ويختلف
كتاب السير في نسبته إلى "زيد بن عاصم" أم لـ "غزية بن عمرو"،
وقيل تزوجت أنها ثالثًا
طرح نموذج المرأة المسلمة
المجاهدة :
وقد كان لأم عمارة الفضل الكبير في طرح نموذج المرأة المسلمة
المجاهدة التي احتلت مكانها الى جانب الرجل تماما في ميدان القتال، وقد روى عكرمة
عن ام عمارة انها اتت الرسول صلى الله عليه وسلم فقالت: ما ارى كل شيء الا للرجال
وما ارى النساء يذكرن، فنزلت آية: (ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات...)
صدق الله العظيم.
روايتها للحديث:
روت ام عمارة الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم وروى عنها ابنها
عبادة بن تميم بن زيد، والحارث بن عبدالله بن كعب، وعكرمة مولى العباس وغيرهم،
وروى لها الترمذي والنسائي وابن ماجة رضي الله عنهم.
قالت للرسول صلى الله عليه وسلم:
ادع لنا ان نرافقك في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم «اللهم اجعلهم رفقائي في
الجنة» فقالت ام عمارة: ما ابالي ما اصابني من الدنيا بعد هذا الدعاء، وفي رواية
ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «لمقام نسيبة اليوم خير من مقام فلان
وفلان» عندما رآها يوم احد تقاتل اشد القتال حازمة ثوبها على وسطها حتى جرحت ثلاثة
عشر جرحا رضي الله عنها.
فضائلها:
1-واتسمت
" أم عمارة " بصبرها وإيمانها القوي واتضح ذلك ذلك عندما قتل مسيلمة
ابنها وقالت: "لمثل هذا أعددته وعند الله احتسبته " وابنها "حبيب
"هو الذي أرسله رسول الله إلى " مسيلمة الكذاب" وقطعه مسيلمة عضوًا
عضوًا فمات شهيدًا فصبرت على قتله حتى ثأرت له فى معرقة اليمامة فقتل ابنها
عبدالله مسيلمة الكذاب.
2-شاركت السيدة
" أم عمارة " فى غزوة أحد حيث خرجت مع زوجها "غزية بن
عمرو" وولديها عبدالله ،وحبيب فكانت تسقي الجرحى والعطشى كما أنها كانت تداوي
الجروح الى أن تحول نصر المسلمين إلى هزيمة فشاركت فى القتال حتى جُرحت جروحًا
كثيرة ،ويذكر أن أحد الفرسان أراد ان يقتلها فهم عليها بالسيف ولكن الله درها فصدت
ضربته فجعلت سيفه ضعيفا فأراد الفارس أن يهرب فضربت فرسه ضربة كالصاعقة فوقع على
ظهره وكان رسول الله يشهد هذا الموقف البطولى فقال بأعلى صوته "يا ابن
أم عمارة أمك أمك فشاركها ابنها على الإجهاز على الفارس فقتلوه"
3-وشاركت
"أم عمارة" رضى الله عنها فى السنة الرابعة من الهجرة فى غزوة بني
قريظة،وأعطاها رسول الله من الغنائم ، كما شاركت أيضًا فى غزوة خيبر فكانت تداوي
الجروح وتسقى العطشان وتناول الأسهم ،ومما عرف عنها أنها كانت تشارك فى القتال اذا
دعت الحاجة اليها ، شاركت" أم عمارة " أيضًا فى غزوة حنين سنة
8هـ.
4-وشهدت
" أم عمارة " الحديبية وبيعة الرضوان حيث خرجت مع الرسول
الله لأداء عمرة القضاء وشاركت" أم عمارة " في معركة اليمامة مع
كبر عمرها لاشتياقها للجهاد وللثأر من مسيلمة لقتل ابنها حبيب فشاركت ومعها ابنها
"عبد الله بن زيد "في القتال وأبلت فيها بلاءً حسنًا، ونجح "عبد
الله "في الثأر لأخيه، وقتل بسيفه مسيلمة،وأصيبت" أم عمارة" في تلك
المعركة بأحد عشر جرحًا، وقُطعت يدها فبعث إليها خالد بن الوليد بطبيب يداويها.
5-عرف عنها انها كانت محاربة شجاعة تخرج الى
القتال وتعتني بالجرحى ويوم غزوة احد اظهرت في الحرب بسالة نادرة، وجرحت اثني عشر
جرحا ما بين طعنة رمح وضربة سيف وهي حازمة ثوبها على وسطها، وكانت من الذين ثبتوا
مع الرسول صلى الله عليه وسلم ويروى عنها في ذلك اليوم المشهود انها كانت تقاتل
بجسارة، وتتوقف قليلا لتعصب لها امها جراحها وتعود بعدها الى المعركة، وكان رسول
الله صلى الله عليه وسلم اذا تحدث عن يوم احد وذكر ام عمارة يقول: «ما التفتّ
يمينا ولا شمالا الا رأيتها تقاتل دوني».
6-وعاشت ام عمارة لتقاتل ايضا في حرب اليمامة
بشجاعة نادرة وتعرضت لاصابة بترت يدها الى جانب احد عشر جرحا وقتل ولدها، فانصرفت
الى المدينة تداوي جراحها، وحين عاد الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة كان
يعودها في مرضها ويأكل من خبز شعيرها، وقد عاشت سنة كاملة تعاني من جراحها.
وظل خالد بن الوليد يتردد على بيتها ويعرف حقها.
وكان ابوبكر الصديق وهو خليفة للمسلمين يعودها ويسأل عن حالها ويطلب
من العرب مداواتها بالزيت المغلي فكان اشد وقعا عليها من البتر.
وفاتها:
توفيت
المجاهدة السيدة "أم عمارة "رضى الله عنها بعد معركة اليمامة بعام
سنة13هـ، متأثرة بجراحها في خلافة عمر بن الخطاب، ودفنت في البقيع وفى جسدها
علامات الجهاد من الجروح والقطع ،رحم الله المجاهدة الصابرة " أم
عمارة" التي كانت رمزا قويا في الدفاع عن الإسلام وأما صابرة .
ويذكر
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها(مقام أمك خير من مقام فلان
وفلان ،ومقام زوجها خير من مقام فلان وفلان ،ومقامك خير من مقام فلان
وفلان ،رحمكم الله أهل البيت) ، ودعا لهم النبي محمد أن يكونوا رفقائه في
الجنة.
مع تمنياتى بالقرب والرضا من الله