مالك بن أنس
اسمه
ونسبه وكنيته:
عبيد الله بن عبد الرحمن هو شيخ الإسلام ، حجة الأمة ، إمام دار الهجرة أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن
غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث ،
وأمه هي :
عالية
بنت شريك الأزدية .
وأعمامه هم :
أبو سهيل
نافع وأويس ، والربيع ، والنضر ، أولاد أبي عامر .
وقد روى الزهري عن والده أنس ، وعميه أويس وأبي سهيل . وقال : مولى التيميين ، وروى أبو أويس عبد الله عن عمه الربيع ، وكان أبوهم من كبار علماء التابعين . أخذ عن عثمان وطائفة .
مولد مالك:
، ولد لأم وأب عربيين يمنيين، وقد ولد الإمام مالك في
المدينة المنوَّرة، ويعود أصله إلى قبيلةٍ يميَّنةٍ؛ تُدعَي بذي أصبح، وتسمَّى
أمُّه بالعالية بنت شريك الأزديَّة.على الأصح في سنة ثلاث وتسعين عام موت أنس
خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،
ونشأ في صون ورفاهية وتجمل .
نشأة
الإمام مالك :
كانت نشأة الإمام مالك في بيتٍ قد اهتمَّ بعلم الحديث والأثر،
فقد كان جدُّه مالك بن أبي عامر من كبار التَّابعين، وقد روى عن عمر بن الخطَّاب،
وعثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد الله -رضي الله عنهم- بالإضافة إلى والد الإمام
مالك بن أنس. وروى الإمام مالك بن أنس عن أبيه أحاديثاً نبويَّةً، إلَّا أنَّ
انشغاله بالحديث لم يكن كثيراً، فلم يروِ الإمام مالك عن أبيه أحاديثاً كثيرة، وما
رواه بسندٍ عن أبيه عن جدّه عدّه العلماء ضعيفاً.
وعلى الرَّغم من عدم
انشغال والد الإمام بالحديث بما يُؤهله لأن يروي عنه ابنه من الأثر النبوي، إلَّا
أنَّ جده وأعمامه قد كانوا منشغلين بعلم الحديث، فقد كانوا من الأُسر المشهورة
بعلم الحديث، فقد كان أخوه النضر منشغلاً أيضاً بعلم الحديث، وقد رافق العلماء وقد
كان ينادى الإمام بأبي النضر؛ لشهرة أخيه دونه، إلى أن أصبح أشهر من أخيه.
وترعرع الإمام مالك في
مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- مبعث النور وموطن الشَّرع، والتي بها كبر
الإسلام، وفيها تناقل قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسننه، فقد كان الإمام
مُحاطاً بأسباب التنشئة العلميَّة الصَّالحة، حتى خرج لنا واحدٌ من أئمَّة الإسلام
الكبار.
تعرف على الامام مسلم
صفات
وأخلاق الإمام:
كان يتصف بحرصة الشديد على طلب العلم فكان ينفق
ماله في سبيل أن الحصول على العلم الصحيح.
كما كان يتصف بكونه
ذا هيبة ووقار:
من
ملامح هيبته عندما كان يدخل على أحد من الحكام والسلاطين أو يجلس في مجلسهم كانوا
يشعرون بأنهم صغار في أمامه.
كان لديه قدرة عالية
على الفراسة :
ووصفه بعض تلاميذه بأن قدرته على الفراسة لا
تخطئ ابداً.
قوة الإرادة لدى مالك:
تعد من
اكثر الصفات التي تميزه، حيث أن مالك يذكر له بيعه لثقف بيته المصنوع من الخشب في
سبيل طلب العلم، كما كان ينام على عتبة
العالم الذي يريد أن يتلقى العلم على يده.
القدرة العالية على
الحفظ:
كان سيدنا الإمام مالك بن أنس يقوم بالاستماع
للعديد من الأحاديث المختلفة في نفس الوقت، وكان يقوم بعد ذلك بتسميعها كلٍ على
حده دون أخطاء.
حرصه الشديد على صحه
فتواه :
ويحزر أشد الحزر من الخطأ، فكان يكثر من قول:
لا أدري.
طلبه للعلم:
بدأ الإمام مالك رحلته
في طلب العلم وهو ابن عشرة أعوام، فجدَّ في طلبه للعلم، وكان في عمر الواحد
والعشرين مؤهلاً للفُتيا، فكان يرتاد إليه طلبة العلم في زمن الخليفة أبي جعفر
المنصور حتى عصر الرشيد، وكان مخلصًا في طلبه للعلم وقد بات هذا واضحاً من خلال
الثمار التي أنتجها في علم الحديث، فقد قيل فيه العديد من الألقاب مثل: عالم
الحجاز.
ومن أمثلة شدَّة حرص الإمام مالك على العلم:
أنَّه انقطع لمدة ثماني
سنواتٍ للتعلّم على يد ابن الهرمز، فكان يأتي بيته صباحاً ويغادر ليلًا، وقد ساعده
حرصه على طلبه للعلم واستمراره على ذلك؛ فقد كان الإمام مالك يتميز بقوَّة حفظه،
وورد في حفظه أنَّه كان يأتي عروة، وابن المسيِّب، والقاسم، وأبا سلمة، فيسمع منهم
ما بين الخمسين والمئة حديث، ولا يخلط بينها أبداً.
وكان لذكاء ودقَّة
ملاحظة الإمام مالك أثرٌ كبيرٌ في طلبه للعلم:
فكان يفقه ما يحفظ من
الأحاديث، وله علمٌ بحكمة التَّشريع، وكان في فتواه يعتمد على قاعدة جلب المصالح
ودرء المفاسد، فبرع في علم الحديث والفقه، وكان محاطاً بطلاب العلم لينالوا من فيض
علمه.
وفي عصره كان قد كثر رواة الأحاديث:
إلَّا أنَّه قد تميَّز
بالتحرِّي الشَّديد عند أخذه للحديث واعتماده لديه، فكان لا يأخذ إلَّا من ثقات
الرِّجال، وللثِّقات عنده صفاتٌ وحدود، فممّا ورد عنه في هذا الصَّدد أنه قال:
"إن هذا العلم دين، فانظروا عمّن تأذوا دينكم"، وقد قال الإمام البخاري
صاحب صحيح البخاري والإمام أبي داود عن الإمام مالك بأنَّ أسانيد الإمام مالك من
أصحِّ الأسانيد.
تصدّره للتعليم:
كان للإمام مالك في
حرصه على طلب العلم والمنهج الذي سار عليه أثرٌ كبيرٌ في جعله إماماً من أئمَّة
الإسلام، الذين يُشدُّ لهم الرِّحال للأخذ منهم، وفيما يأتي بعض أقوال
العلماء التي تُظهر مكانة الإمام مالك في تصدره للعلم:
سفيان بن عيينه قال
عندما بلغته وفاة الإمام مالك: ما ترك على الأرض مثله، وقد ورد في الحديث الضعيف
عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يوشِكُ أن يضرِبَ النَّاسُ أَكبادَ
الإبلِ يطلبونَ العلمَ فلا يجدونَ أحدًا أعلمَ من عالمِ المدينةِ)، فقد قال بأن
مالكًا هو المراد بهذا الحديث؛ لأنه لم يكن له نظير في المدينة المنورة، بالعلم
والإفتاء.
الإمام الشَّافعي قال عن الإمام مالك:
"مالك أستاذي، عنه
أخذت علمي". ابن معين قال عن الإمام مالك: "كان مالك من حجيج الله على
الخلق". انتشار مذهب الإمام مالك انتشرمذهب الإمام مالكبن أنس في بلاد كثيرة
حتى وصل إلى دول إفريقيا،
وسنذكر فيما يأتي بعض هذه الدول:
المغرب ما زال مذهب
الإمام مالك متصدّرا إلى الآن في المغرب مع القليل من مذهب داود الظاهري. المدينة
المنورة انتشر المذهب في المدينة المنورة انتشاراً واسعاً، وبقي مذهبه متصدراً في
المدينة المنورة حتى تولّاها ابن فرحون ونشر فيها فقه ابن عباس -رضي الله عنه-.
مكَّة المكرَّمة ظهر فيها الإمام مالك، لكنه لم يغلب؛ وذلك لتصدُّر آراء الصحابي
الجليل عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- في مكَّة المكرَّمة. البصرة ضعف فيها
المذهب بعد أن ظهر فيها، وكان ذلك بعد القرن الخامس. مصر كان عثمان بن الحكم
الجذامي وعبد الرحمن بن خالد هما مَن أدخلا المذهب المالكي إلى مصر، وكان ظهوره في
مصر في حياة الإمام مالك، وقد كان في مصر كثيرٌ من علماء المذهب المالكي؛ كابن
القاسم، وابن وهب، واستمرَّ ظهور المذهب في مصر إلى أن جعل الإمام مالك مصر مقاماً
له لمدَّة خمس سنين، ثم غلب على مصر مذهب الإمام الشَّافعي. بلاد الأندلس انتشر
فيها المذهب المالكي بعد أن كان المذهب الأوزاعي هو السَّائد في البلاد، وكان ذلك
بعد زمن الأمير هشام بن عبدالرحمن، فقد قال ابن حزم: إن المذهب المالكي انتشر
بالرِّئاسة في الأندلس. أفريقيا كان أهلها يسيرون على المذهب الحنفيِّ، فلمَّا
تولى المعز بن باديس نشر فيها وفي البلاد الموالية لأفريقيا مذهب الإمام مالك
وتمَّ اعتماده لديهم.
كان إصدار فتوى على يد الإمام مالك بن أنس
يعتمد على المصادر التشريعية الآتية:
القرآن الكريم.
الحديث النبوي الشريف.
الإجماع.
غزارة علمه
تهيأت المدينة المنورة لمالك لكي يصبح عالماً
كما اراد إذ أنه كان في زمن تزاحمت فيه مدينة رسول الله بالعلماء.
كان الإمام مالك مشهوراً بكونه غزير العلم
بالإضافة لكونه ذا قدرة عالية جداً على حفظ الأحاديث النبوية.
ومن أسباب غزارة علمه كونه قد نشأ نشأة صالحة في
بيت يحترم العلم ويقدره.
أولا كان مفتياً لا مثيل له في زمانه.
ثانياً كان مضرباً للأمثال في سرعة حفظه
للأحاديث ومحصلته الكبيرة منها.
كان حافظاً للقرآن الكريم في صدر من عمره.
ولكن المحصلة العلمية الضخمة لدى الإمام مالك
بن أنس كانت نتيجة لتقديره للعلم والحرص على طلبه وبذل المال في سبيل طلب ذلك
العلم.
سيدنا مالك رضي الله عنه: لم يقم بإصدار
الفتاوى، إلا عندما أكمل دراسته، وشهد له سبعون عالماً بأنه أصبح جاهزاً ومؤهلاً
وجديراً بذلك.
إنجازاته
في خدمة الإسلام:
يعد من أبرز إنجازاته في خدمة الأسلام هو ما
يلي:
قيامه بتأسيس المذهب المالكي.
تأليفه لكتاب يعد من أول كتب الأحاديث على
الأطلاق وهو كتاب الموطأ.
له كتاب في القدر، يقوم فيه بالرد على القدرية.
كما له كتاب في النجوم مدار الزمان، ومنازل
القمر، وتم أعتبار هذا الكتاب أصل لكل من يبحث في هذا الأمر.
قام بإعداد رسالة تتكون من عشرة أجزاء تتكلم عن
الأقضية (القضاء).
له رسالة في الادب والمواعظ، هذه الرسالة
مشهورة جداً قام بإرسالها إلى خليفة المسلمين آن ذاك هارون الرشيد.
بالإضافة إلى رسالته في الفتاوي، قام بإرسال
هذه الرسالة لأحد العلماء وهو أبي غسان محمد بن مطرف.
كما قال أبو العباس السراج النيسابوري: هذا
الكتاب، واشار بيده إلى كتاب موجود على منضدة، قال هذا الكتاب هو كتاب يحوي على
سبعون الف مسألة للإمام مالك بن أنس.
وينسب إلى إمامنا أيضاً، كتاب يتعلق بأمور
السيرة.
أقوال
مالك بن أنس:
كان يقول عن نفسه: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب،
فقوموا بالنظر في رأيي وقوموا بعرضه على الكتاب والسنة، فإذا توافق ما ذُكر في
القرآن الكريم والسنة، فخذوه، أما إذا وجدتم ما جئتكم به قد خالف ما قد جاء في
الكتاب والسنة فأتركوه.
ومن
أقواله المأثورة:
ليس العلم بكثرة الرواية، ولكن العلم الحقيقي
هو النور الذي يضعه الله في القلوب.
العلم نَفور لا يأنس إلا بقلب تقي وخاشع.
كما قال: عليك أن تتقي الله تعالى، وعليك أن
تقتصر على علمك، وأعلم أنه لا يوجد أحد أقتصر على علمه إلا وأنتفع به ونفع به
الناس، فإن أردت بعلمك مما عند الله من النعيم فقد قمت باختيار الصواب، وإما إن
كنت تبحث عن الدنيا بما تعلمته فليس في يديك شيء.
قال أقبل الينا الإمام الزهري فقمنا باستقباله،
وكان معنا ربيعة وقام برواية نيفاً وأربعين حديثا نبوياً علينا، ثم ذهبنا أليه في
اليوم التالي فقال: انظروا كتاباً حتى احدثكم، ثم قال أرئيتم ما قد حدثتكم به
بالأمس ؟
فبادر ربيعة بالرد وقال: يوجد هنا من يجيبك عن
ما قمت بمحادثتنا عنه بالأمس، فسأله الزهري، ومن هو ؟
فرد عليه ربيعة أنه هو الإمام مالك بن أنس،
فقال الإمام الزهري: هات، فرد عليه مالك تالياً عليه 40 حديث،
فقال عندها الزهري:
لم اكن
أعلم أنه مازال هناك من الناس من يقوم بحفظ هذا القدر من الأحاديث النبوية غيري.
أقوال
العلماء عنه:
تحدث يحيى بن معين عن الأشخاص الذين يقوم
بالرواية عنهم فقال: إن كل الأشخاص الذين قد روى عنهم الإمام مالك بن أنس هم أشخاص
ثقة إلا شخص واحد وهو أبو أمية.
قال عنه واحد:
إنه هو أثبت أصحاب الزهري، ونافع.
وقال عنه الإمام البخاري: إن أصح الأسانيد هو
مسند الإمام مالك عن نافع، عن ابن عمر.
قال عنه أبن مهدي:
إن
الإمام مالك لم نر من أحد أعقل منه قط، وهو إمام في الحديث وفي علم الفقه.
وقال الإمام أبو حنيفة:
والله
أني ما رأيت من أحد أسرع منه جواباً، إجابات صادقة وزهد تام.
عن الإمام الشافعي أنه قال:
إذا جاء الأثر عن مالك بن أنس فشد به على يدك،
وقال أيضاً: من أراد الحديث فهو عيال على مالك.
كما ذُكر له أيضاً قوله:
إن ه عندما يذكر العلماء فإن الإمام مالك بن
أنس هو النجم، وقال: لم يبلغ أحد من الحفظ مثل ما بلغ مالك من حفظ، وإتقان، وصيانة.
تتلمذ
على يد:
عامر بن عبد الله بن الزبير.
عبد الله بن دينار.
سعيد المقبري.
ايوب بن ابي تميمة السختياني.
بن المنكدر.
إسحاق بن عبد الله بن طلحة.
كما يذكر له أنه لازم فقيه مدينة رسول الله
لمدة سبع سنوات متتالية لينال العلم من على يديه.
تتلمذ
على يده:
سفيان بن عيينه.
عبد الرحمن بن مهدي.
عبد الرحمن بن القاسم.
الوليد بن مسلم.
عبد الله بن وهب.
أبو داوود الطيالسة.
وفاة
مالك بن أنس:
توفي الإمام مالك بن أنس بسبب أنه مرض مرضاً
شديداً أستمر لمدة اثنان وعشرون يوماً فقط.
وكانت للإمام وصية وهي أن يتم تكفينه في ملابس
ذات لون أبيض، ثم يتم وضعه في موضع الجنائز ويتم الصلاة عليه، وتم دفنه في البقيع.
وقد قام العديد من الناس برثائه بعد موته، رحمه
الله وغفر له وألحقنا به في جنة الخلد أجمعين.
مع تمنياتى بالسعادة والراحة