أخر الاخبار

محمد على ورئاسة الجند

 

محمد على ورئاسة الجند

رئيس الجند:

فأصبح محمد علي - بعد هرب خسرو وقتل طاهر - رئيس الأجناد غير المماليك من الأرناءوط وغيرهم؛ لأن رتبته في الجيش كانت تلي رتبة طاهر باشا، ولأنه كان محبوبًا لدى العلماء والأهالي لما كان يُبديه من العطف والحنان عليهم، فحاز رضاهم بدفاعه، وكاد يعلن نيابته عن الوالي لولا أن رأى مركزه لا يقل خطرًا عن مركز طاهر؛ لعدم قدرته على دفع مؤخر رواتب الجند، وعلى مقاومة خسرو باشا والمماليك معًا بمن كان تحت إمرته من الألبانيين؛ فرأى أنه من الحكمة والكياسة أن ينضم إلى عثمان بك البرديسي هو ومن معه، فتحالفا ونصَّبا إبراهيم بك الكبير نائبًا عن الوالي العثماني، لكبر سنِّه ومكان احترامه عند المماليك، وطردوا الإنكشارية من مصر.

تعرف على شخصية احمد عرابى والناصر صلاح الدين 




تعرف على شخصية نيلسون ولويس الرابع عشر واهم اعماله



أحمد باشا:

وكان بمصر وقتئذٍ "أحمد باشا" والي المدينة وينبع، مارًّا بها، يستمدُّ واليها ويتأهب للخروج إلى منصبه، ويؤلِّف حملة يكافح بها الوهابيين؛ فاشترك في هذه الحوادث وفي مقتل طاهر باشا، وجعل نفسه واليًا على مصر، أو على الأقل نائبًا عن خسرو ريثما يحضر من دمياط، وكاد يتم له مراده لولا مناصبة محمد علي وإبراهيم بك له وعدم اعترافهما له بأي حق في التدخُّل في شئون البلاد. ولم يشعر بسلطته أحد؛ لأنها لم تَدُمْ أكثر من يوم وليلة، ثم جاءه التقليد من الأستانة بنيابته عن الوالي حتى يحضر، ولكن بعد فوات الفرصة؛ فإنهم طردوه وباقيَ الإنكشارية من مصر، فخرج إلى الحجاز.

البرديسي ومحمد:

ثم إن البرديسي ومحمد علي تعاونا على إخضاع المماليك الثائرين الذين كانوا يهددون العاصمة، وبعد أن تم لهما ذلك عمِلا على بت الأمر في قضية خسرو؛ فأعدَّ لذلك عثمان بك البرديسي جيشًا بريًّا، أما محمد علي فإنه جهَّز أسطولًا صغيرًا ونزل به إلى دمياط، وكان قد أخذ لذلك عدته، وبعد مناوشات خفيفة أخذ خسرو سجينًا إلى القاهرة.

ولما علم الباب العالي بسير الأحوال في مصر استولى عليه الخوف والقلق، واتضح له جليًّا أن خسرو أصبح غير لائق لولاية مصر، فأصدر عهدًا بتولية "علي باشا الجزائري"، ونزل هذا الوالي الجديد بالإسكندرية ، فرأى أنه لا يمكنه مقاومة البرديسي ومحمد علي بحد السيف، فاتفق معهما ظاهرًا، على حين أنه كان يعمل في الخفاء على هدم قوتهما وتكوين حزب وطني مصري يناهض المماليك، ولكن من سوء حظه أن بعض مراسلاته مع السيد "السادات" وقعت في يد البرديسي - وكان هذا ضيفًا عنده - فاحتال البرديسي في قتله، وتم له ذلك.

تعرف على محمد على ورئاسة الجند وقضائه على المماليك وتوصيد سلطته على مصر 

محمد بك الألفي:

وفي الشهر التالي لمقتل علي باشا الجزائري ظهر رجل ذو سطوة وبأس وأعوان كثيرين، وهو "محمد بك الألفي" الذي يُعَدُّ من أكبر المماليك في الديار المصرية؛ وذلك أنه رجع من إنجلترا بعد أن مكث بها سنتين، وكان قد سافر إليها مع الحملة الإنجليزية، وسبب سفره أن الإنجليز كانوا قد عاهدوا المماليك في واقعة أن يأخذوا بناصرهم، ليتخذوهم صنائع وأعوانًا لهم بمصر إذا اقتضى الحال تدخلهم في شئونها مرة أخرى. فلما رجعت الحملة صار يتغنى قوادها بفروسية المماليك وشجاعتهم وخدماتهم، فسهل على الأمة الإنجليزية تعزيز هذا الاتفاق، وعزموا على مساعدة الألفي وحماية المماليك. فلما وصل إلى السواحل المصرية علم أنه لا يمكنه الوصول إلى ضالته إلا بتوحيد قوى المماليك وجعْلهم تحت حماية الإنجليز، وكان ذلك لا يتم له إلا بالاتحاد مع البرديسي عدوه العنيد، وإبراهيم بك الكبير. فلما نزل عند بوقير قابله أعوانه بكل حفاوة وإكرام، وإذ كان في ريبة من أمر البرديسي اتخذ مسكنه في دمياط، وأصدر الأوامر إلى أتباعه بالاجتماع في ضيعته بالجيزة، ومعهم كل ما يمكن جمعه من العدة والعدد، على أن يلحق بهم بعد.

إلا أن وصوله إلى الديار المصرية لم يَرُقْ في نظر كلٍّ من البرديسي ومحمد علي؛ لأن الأول رأى أن من الخطل أن تكون نتيجة خلعه واليَيْن وقتله ثالثًا أن يشاركه في السلطة مناظر كان بعيدًا عن الديار أثناء حربه معهم، وفاته أنه لو اتحد مع الألفي كما اتحد مع إبراهيم بك لاستعادوا سلطة المماليك في مصر؛ لأن محمد علي غريب عن البلاد وهو وحده لا يقوى على مقاومتهم، ولكن تدبير محمد علي ودهاءه وسعوده كلها حالت دون اتفاقهم، خصوصًا أنه رأى أن البرديسي في قبضته ولا داعيَ قط لإشراك مملوك آخر في حكم البلاد؛ فاتفق الاثنان على أن يتخلصا من محمد الألفي، وفعلًا حاصر محمد علي ومن كان معه من الألبانيين قصرَه في الجيزة وأخذ أتباعه على غرة، وقتل منهم خلقًا كثيرًا، وفر الباقون. أما البرديسي فسار بجيشه ليفتك بالألفي في طريقه إلى القاهرة، فقابله بالمنوفية هو وحاشيته، فأفْلت الألفي من يده وهرب إلى سورية، أما من كان معه فقتل معظمهم وسلب كل ما معهم من المتاع والمال.

اتَّبع محمد علي أثناء كل هذه المكافحات التي ناصب بها السلطان ومحمد الألفي خطة أظهرت ما كان عليه من الدهاء والحكمة؛ إذ إنه اختفى وراء الستار، وأظهر البرديسي بمظهر العاصي في وجه السلطان والمهاجم للألفي بك، مع أن محمد علي كان يساعده في جباية الأموال اللازمة للجيش الذي كانا يستظهران به على من ينازعهما السلطة.

ولما هرب الألفي من الديار المصرية طلب محمد علي من البرديسي رواتب الجند، وأنذره أنه إذا تأخر اضطُر إلى تركه وحيدًا وساعد الترك عليه وانضم إليهم، فلم يسع البرديسي إلا تلبية طلبه، وبذل كل جهده في جباية ما يلزم من المال بالقوة من التجار، فأثار غضب الأهالي وهيَّجهم، ولا سيما أن ذلك أعقب ضرائب فادحة جمعتها الحكومة واستَعمل الجباة في استخراجها العنف والشدة معهم؛ إذ كانوا يضربون من يمتنع منهم، وقد يقتلونه.

 تعرف على شخصية نابليون بونابرت واهم انجازاته


فانتهز هذه الفرصة محمد علي وانسلخ من البرديسي، وأظهر استياءه لجمع هذه الضرائب الفادحة، ووعد الأهالي بالأخذ بناصر الذين يعارضون في جمعها، فمال إليه الناس، وأصبح محبوبًا عند عامة أهل القاهرة وأشرافها، ولَمَّا وثق من أن الرأي العام يؤيِّده، وأن هذه أحسن فرصة للقضاء على سلطة البرديسي والتخلُّص منه ومن أتباعه، قام في فجر هو وجميع من التفَّ حوله من الجند وحاصروا قصر البرديسي - الذي كان محصنًا بالمدافع - فتمكَّن محمد علي من رَشْوِ رجال مدفعية البرديسي فحوَّلوا مدافعهم على سيِّدهم؛ إلا أن البرديسي وإبراهيم بك الكبير اقتحما الطريق وفرَّا هاربَين إلى بلاد سورية.

فصفا الجو عندئذٍ لمحمد علي، وأصبح صاحب الكلمة النافذة في القاهرة، إلا أنه رأى الفرصة لم تَحِنْ بعدُ للقبض على زمام الأمور في الديار المصرية للأسباب الآتية:

أنه رأى لا بد من أن عثمان بك البرديسي ومحمد بك الألفي سيتفقان على مناوأته، وهو لا يقوى على مكافحتهما متَّحدَين.

أن أتباعه من الجند لم تكن إلا عصابة صغيرة من الألبانيين لا تقوى على منازعة جميع الماليك.

       تعرف على نشأة المذهب الشافعي والامامالشافعى


أنه كان يعتبر في هذه الفترة خارجًا على الدولة لاشتراكه في خلع خسرو، وأن الدولة ربما أرسلت جيشًا لقهره والضرب على يده.

 

فأراد أن يتخلص من هذا المأزق الحرج بإذاعته أنه يريد تحرير القطر المصري من جور المماليك وعسفهم، حتى يكون قد خدم الدولة خدمة جليلة تمحو ما مضى من سيئاته وعصيانه، ومهَّد السبيل لذلك أنه لَمَّا علم أن الباب العاليَ عين واليًا جديدًا بدلًا من الجزائري? قام في الحال وأطلق خسرو باشا - وكان سجينًا - ليتولى الأمور حتى يصل الوالي الجديد، ولكن الجند لم يرضَوْا بأي حالٍ إعادة تنصيبه واليًا؛ فاضطُر محمد علي بعد إطلاقه بثلاثة أيام أن يُسفِّره إلى رشيد، ومن ثَمَّ أبحر إلى القسطنطينية بعد أن أظهر له عجزه عن حمايته.

وبعد هذا الحادث بزمن وجيز وصل "أحمد خورشيد باشا" الوالي الجديد، واعترف بتوليته كل الجيش من تُركٍ وألبان، وأذعنوا له بالطاعة، ولكنه أظهر بعد فترة من الزمن أنه والٍ ضعيف الإرادة غير كفء لهذا المنصب، وعجز كسابقيه عن دفع مرتب الجند والأتراك، فرجعوا إلى السلب والنهب. أما محمد علي فاتبع الطريق الأقصد، ومنع أتباعه من الألبانيين من مصادرة الأهالي، بل كان بالعكس يجتهد في حمايتهم من ظلم الأتراك وعسفهم. ولَمَّا رأى الأهالي ما ارتكبه الجنود ثاروا على الوالي والتجئوا إلى محمد علي ليوقف هذه المظالم، فأمَّنهم على حياتهم وأموالهم بشرط أن يدفعوا له من المال ما يقوم بحاجة أتباعه من الألبانيين. وفي هذه الأثناء جاء إلى خورشيد باشا الوالي أمر سلطاني باستدعاء الألبانيين وقائدهم محمد علي، فتأهب هو وجنده للرحيل من الديار المصرية، فرجاه كبار الأمة وعلماؤها في البقاء بمصر خوفًا من تسلط الأتراك وبطشهم، فقبل ذلك منهم وأبى الرجوع. وفي هذه الأثناء جمعت المماليك جموعها على مقربة من المنية للإغارة على القاهرة، فولى خورشيد محمد علي قائدًا على الجيش الذي أعده لمحاربة المماليك، فحاربهم في عدة وقائع لم تكن فاصلة. وفي خلال هذه الحروب وصل جيش من الدلاة من قِبل الباب العالي أكثر همجية وأبشع حالًا من الجيش الذي في داخل البلاد ليحل محل الألبانيين، فلما علم محمد علي بذلك ظن أنه وقع بين نارين، فقفل راجعًا إلى القاهرة وواجه الجيش الجديد جهة "البساتين" و"دير الطين"، وأخبرهم أنه لم يحضر لخلاف ولا عصيان، ولكن لطلب النفقة والمئونة، وأنه يرمي معهم إلى غرض واحد وهو تأييد الوالي والسلطان وإبادة المماليك؛ فانخدعوا بقوله، وأفسحوا له الطريق، فدخل القاهرة دخول المنتصر بعد أن اتفق مع الدلاة وأجزل لهم العطاء والهدايا، فأصبحوا معه على الوالي، وسمح لهم بالذهاب في طول البلاد وعرضها، يجمعون الضرائب ويأكلونها.

ولما عاثت جنود الأكراد - الدلاة - في الأرض فسادًا قام الأهالي في وجه خورشيد، وطلبوا من محمد علي أن يحميَهم ويكون الواليَ عليهم، فقبل ذلك وشنَّ الغارة على الوالي، فاعتصم هذا بالقلعة، ولما لم يجد له وسيلة يتخلص بها من محمد علي اجتهد في الحصول على عهد من الباب العالي بتنصيب محمد علي واليًا على جدة، فلم يلتفت محمد علي لهذا التنصيب، وحاصر خورشيد باشا في القلعة، وأطلق عليها المدافع إطلاقًا ذريعًا، وذلك.

 تعرف على شخصية طه حسين واهم اعماله


محمد علي واليًا على مصر:

وحينئذٍ اجتمع علماء البلد ووجهاؤها وأقاموا محمد علي واليًا على مصر، فقام إليه الشيخ الشرقاوي و"السيد عمر مكرم" نقيب الأشراف وألبساه "الكرك" إيذانًا بالولاية. وكان في يد السيد عمر أمر العامة في جميع أنحاء مصر، لا يعصون له أمرًا؛ فأيد أمر محمد علي بنفوذه وجاهه أكثر من ? سنين تأييدًا لم يقم به أحد مثله، وأرسل العلماء رسولًا إلى الباب العالي ليلتمس العفو عما فرط منهم في حق الوالي ويرجو اعتماد تنصيب محمد علي خلفًا له، فعلم السلطان من ذلك مقدار ميل الأهلين لمحمد علي، وأيقن أنه أصبح صاحب الكلمة العليا في مصر، فوافق على تنصيبه واليًا عليها. ولما علم خورشيد باشا بهذا النبأ سلَّم له القلعة وتخلى عنها.

 

مع تمنياتى بالسعادة

 

عبدالرحمن مجدي - Abdo magdy
بواسطة : عبدالرحمن مجدي - Abdo magdy
انا عبدالرحمن 🥰 بحب الطبخ جدا 💖وبحب اجرب اكلات جديده وغريبه 😋
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-