الإمام ابن كثير
تعرف على الامام مسلم والامام مالك
اسمه ونسبه:
هو
إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد
الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصراوي الدمشقي الشافعي،
المعروف بابن كثير.
تعرف على صلة الرحم وفضلها
مولده:
وُلِد
سنة 701هـ/ 1301م ، في قرية مجيدل من أعمال بُصْرى الشام ، وعاش في دمشق.
طفولة الإمام ابن كثير وتربيته:
كان
للبيئة المحيطة بابن كثير أثر كبير في نشأته؛ فقد كان أبوه خطيبًا ببلدة مجيدل
القُرَيَّة إلى أن توفِّي سنة 703هـ، وبقي ابن كثير تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد
الوهاب، الشقيق والشفيق، وترعرع في طفولته في هذه القرية مدة أربع سنوات، وهي سن
الطفولة يتيمًا بعد فَقْد الوالد ولكنه امتلأ قلبه من ذكريات الطفولة، ونَعِم
بآثار والده المعنوية، وحفظ أحاديث الناس عن خطب والده، وأقواله المأثورة، وأشعاره
المحفوظة، وأدرك بحسِّه منزلة العالم المخلص، وأثره في الحياة والمجتمع، ومكانته
في القلوب والنفوس.
سبب تسميته بإسماعيل:
وسمع من إخوته وأخواته سبب تسميته بإسماعيل،
تيمنًا بأخيه الأكبر (من أبيه) الذي سلك طريق العلم، فأخذه عن والده.
حفظ
القرآن الكريم وختم حفظه في سنة 711 هـ، وقرأ القراءات وجمع التفسير، وحفظ متن
" التنبيه " في فقه الشافعي سنة 718 هـ، وحفظ مختصر ابن الحاجب، وتفقه
على الشيخين برهان الدين الفزاري، وكمال الدين ابن قاضي شهبة، سمع الحديث من ابن
الشحنة، وابن الزراد، وإسحاق الآمدي، وابن عساكر، والمزي، وابن الرضى، شرع في شرح
صحيح البخاري ولازم المزي، وقرأ عليه تهذيب الكمال، وصاهره على ابنته، وصاحب ابن
تيمية، ولي العديد من المدارس العلمية في ذلك العصر، منها: دار الحديث الأشرفية،
والمدرسة الصالحية، والمدرسة النجيبية، والمدرسة التنكزية، والمدرسة النورية
الكبرى.
، عائشة بنت أبي بكر الصديق ،
ثم
ارتحل ابن كثير إلى دمشق لاستكمال التكوين العلمي، فاختطفته يد المنون في شبابه،
فوُلِد للوالد هذا الابن الأخير فسمَّاه إسماعيل ليكون كأخيه في طلب العلم، فاتجه
ابن كثير رحمه الله تعالى إلى تحصيل العلم منذ السن المبكر؛ ليقرَّ عين والده في
قبره، وليصبح كأبيه في قلوب الناس.
ولما
بلغ ابن كثير السابعة من عمره، ارتحل بصحبة أخيه الشقيق عبد الوهاب إلى مدينة دمشق
التي كانت مَوْئِلَ العلماء، وحاضرة العلم، ومركز الحضارة، وينبوع العطاء، ومحط
الأنظار، ومرابع المعرفة التي يفد إليها العلماء والطلاب من كل حدب وصوب. وكان أخوه عبد الوهاب بمنزلة الأب والأستاذ
الأول لابن كثير، الذي أخذ منه الشيء الكثير، واستمر في ملازمته والاستفادة من
علمه طوال حياته التي امتدت إلى سنة 750هـ.
تعرف على غزوة الابواء و غزوة بواط، و غزوةالعُسَيْرة أو العُشَيْرة،
ويحدثنا
ابن كثير رحمه الله تعالى عن رحلته إلى دمشق بصحبة أخيه عبد الوهاب، فيقول:
"ثم تحولنا من بعده (بعد وفاة الوالد) في سنة سبع وسبعمائة إلى دمشق، صحبه
كمال الدين عبد الوهاب، وقد كان لنا شقيقًا، وبنا رفيقًا شفوقًا، وقد تأخرت وفاته
إلى سنة خمسين، فاشتغلت على يديه في العلم، فيسَّر الله تعالى منه ما يسر، وسهَّل
منه ما تعسر".
واستقر ابن كثير في دمشق، وصار ابنًا من أبنائها، وعالمًا من علمائها،
وخطيبًا ومدرسًا فيها، وأحبها من قلبه فلم يفارقها حتى مات ودُفن فيها، وكان
وفيًّا لها فكتب تاريخها، ووصف أفراحها وانتصاراتها، وبكى أحزانها وأتراحها، وشارك
في أحداثها، وكان له دور فاعل في ذلك حتى صار يُشار إليه بالبنان: محدِّثًا
ومفسرًا، ومدرسًا ورئيسًا، ومصلحًا وداعيةً، ومعلمًا ومؤرخًا.
ملامح من شخصية ابن كثير وأخلاقه:
لقد
حبا الله صورة ابن كثير رحمه الله بكثيرٍ من الصفات الحميدة، والشمائل الكريمة،
والخلال العذبة، والتي لا يتصف بها إلا العلماء الأخيار الأفذاذ؛ ومن هذه الصفات:
1-الحفظ:
وهب
الله جل جلاله ابن كثير حافظة قوية، وذاكرة ممتازة، وموهبة متفوقة، فكان قادرًا
على حفظ العلوم والمتون، واكتناز المعلومات، وظهر أثر ذلك في مصنفاته؛ فقد حفظ ابن
كثير القرآن الكريم وهو في الحادية عشرة من عمره، كما صرَّح بذلك في تاريخه ، وحفظ
التنبيه في الفقه الشافعي، وعرضه سنة ثماني عشرة، وحفظ مختصر ابن الحاجب في أصول
الفقه ، وحفظ المتون المتنوعة في العلوم؛ ولذلك وصفه عدد من العلماء بحفظ المتون،
فقال شيخه الذهبي: "ويحفظ جملة صالحة من المتون والرجال وأحوالهم، وله حفظ
ومعرفة".
وقال عنه تلميذه ابن حِجِّي: "كان أحفظ
مَن أدركناه لمتون الأحاديث، وأعرفهم بجرحها ورجالها، وصحيحها وسقيمها، وكان
أقرانه وشيوخه يعترفون له بذلك".
2- الاستحضار:
اقترنت صفة الحفظ عند ابن كثير بصفة أخرى وهي
صفة الاستحضار؛ مما يدل على المنحة الإلهية له بقوة الذاكرة، وقلة النسيان. وهو من
أعظم المواهب الإلهية، وأكبر ميزة للعالم والمصنِّف والفقيه؛ لذلك كان ابن كثير
يستحضر المتون والكتب والعلوم حتى لفت نظر المحققين والمحدثين، فهو ينقل من مصادر
عدة، ولكنه يضع المعلومات بصيغته وأسلوبه الخاص به، مما يرجح أنه كان يكتب ويصنف
من ذاكرته وحافظته، ويتصرف بذلك حسب مقتضى الحال والمقام.
3- الفَهْم الجيد:
هذه الصفة من المنح الإلهية للإنسان، ومن
التوفيق الرباني له، وتتأثر بالعوامل المكتسبة عن طريق الإخلاص، والتقصِّي
والدراسة، والاستيعاب والاجتهاد، وتحرِّي الدقة العلمية؛ مما تساعد صاحبها بفضل
الله تعالى وتوفيقه على الفهم الجيد، والإدراك الصحيح، والاستنتاج المقبول ؛ لذلك
يقول عنه تلميذه ابن حجي: "وكان فقيهًا جيد الفهم، صحيح الذهن.
4- خفة الروح:
وهذه الصفة من الصفات الحسنة للإنسان عامَّةً،
ومن عوامل التفوق والنجاح في التدريس والوعظ خاصَّةً، وتدل على سماحة النفس،
والاهتمام بالطلاب، والتخفيف عنهم، والترويح في التدريس.
5- الالتزام: بالحديث
والسُّنَّة:
من صفات ابن كثير أنه كان حريصًا على التزام
السنة، والدعوة إلى اتِّباع السلف، وهو ما يظهر عند مراجعة مؤلفاته وكتبه؛ ولا
غرابة في ذلك فهو المحدِّث الفقيه الحافظ لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان
ابن كثير رحمه الله يحارب البدع، ويدعو إلى تركها، ويساهم في إنكارها، ويفرح
لإبطالها، ويسجِّل هذه المشاعر والعواطف والمبادئ في كتبه ومصنفاته، وكان يتتبع
البدع ويتألم لوجودها، ويسعى لإبطالها، ويهلل لإلغائها.
6- الخلق والفضيلة
والموضوعية:
كانت
أخلاق ابن كثير رحمه الله تعالى حميدة، ويلتزم الفضائل والقيم، وسعة الصدر،
والحلم، والصداقة المخلصة، والتقدير لشيوخه؛ فقد ترجم لعدد كبير منهم في تاريخه،
وأثنى عليهم خيرًا، وعدَّد مناقبهم، وأثبت فضائلهم، واعترف بالأخذ عن الأساتذة،
وحسن الصحبة للزملاء والمعاصرين.
تعرف على شخصية خالد بن الوليد وعمرو بن العاص
7- الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر:
وهذا
من المبادئ الإسلامية الرشيدة في الدعوة والنصح والإرشاد، والتكافل والتناصح بين
أفراد الأمة والمجتمع، وهو واجب عيني على كل مسلم قادر ومستطيع أن يقوم به ؛ لحديث
رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ.".
ويتأكد
واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الدعاة والعلماء والمصلحين، ثم على
الحكام والمحكومين؛ وكان ابن كثير يعرف واجبه في هذا الجانب الخطير، ويؤدِّي حقه
في مرضاة الله تعالى للحاكم والمحكومين، لا يبتغي بذلك إلا الأجر والثواب من الله
تعالى، ولا يخشى في الله لومة لائم؛ فيقول الحق، ويقرر الشرع، ويؤدي الأمانة،
ويبلِّغ حكم الله تعالى في كل الأمور والظروف والأحوال، ولو كان الأمر يتعلق بشئون
الحكم، والخلاف بين الأمراء الذين يحاولون أن يتحصنوا بفتوى كبار العلماء،
ويجعلوها ذريعة لتحقيق مآربهم.
تعرف على شخصية طلحة بن عبيد الله وفضائله
8- إنصاف الخصوم:
يقول الله صورة: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ
أَنْ تُؤَدُّوا الأمَانَاتِ إلى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ
أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ
اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: 58].
تعرف على نسيبه بنت كعب وام رومان وام حرام وام ايمن
والعدل مطلوب من الحكام والقضاة، ومن كل ذي
ولاية وسلطة مهما تنوعت واختلفت وتفاوتت درجتها، وذلك بإنصاف الناس وحتى الخصوم من
النفس، وحينئذٍ يصبح الإنسان من السابقين إلى ظلِّ الله تعالى يوم القيامة. والعدل من الفضائل، وخاصةً إذا كان الأمر مع
الخَصْم، فهو أعلى درجات العدل بأن ينصف الإنسان خصمه من نفسه، وهذه المرتبة
العليا لا يبلغها إلا القلة، وتدل على أن صاحبها بلغ رتبة عالية من تطبيق أحكام
الشرع وآدابه، ومراقبة الله تعالى في ذلك، حتى يجاهد نفسه فيخضعها للحق، ويقف بها
عند جادَّة الصواب، ولا يستسلم لهواه وأهوائه. وهذا ما حدث مع ابن كثير رحمه الله
في ترجمته لكثير من خصومه في الرأي والفكر والمواقف، فيصفهم بالحق والعدل، ولا
يتجنى عليهم، ولا ينقصهم صفة لهم؛ ومن الشواهد الكثيرة على ذلك نجد في (البداية
والنهاية) أنه كان بين ابن كثير وبين قاضي القضاة تقي الدين السبكي خصومة فكرية،
وتشاء الظروف أن تُوجَّه اتهامات إلى قاضي القضاة بالتفريط في أموال الأيتام،
وطُلِب من المفتين أن يضعوا خطوطهم بتثبيت الدعوى ضده لتغريمه ومحاكمته، ويصل
الأمر إلى صاحبنا العلامة ابن كثير ذي الخُلُق الكريم، والموقف العادل، فيأبى
الكتابة، ويُنصِف قاضي القضاة، ويوقف الافتراء والاتهام إلى أن يتبين الحق،
ويسجِّل ذلك في تاريخه في أحداث سنة 743هـ.
تعرف على الجامع الازهر الشريف
9- الإصلاح الديني:
نزل
الإسلام صافيًا من السماء، وبلغه رسوله عليه الصلاة والسلام حتى لحق بالرفيق
الأعلى، وقد ترك أمته على المحجة البيضاء، والتزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذا
الطريق القويم، وأدوا الأمانة، ونشروا الإسلام في الخافقين، وسار التابعون وتابعو
التابعين على نهجهم، فكانوا خير القرون في تطبيق الإسلام، ونصاعة مبادئه.
ثم بدأ
يعلق به الغبار مع الأيام، وتُضاف إليه بعض الأمور التي لا تتفق مع جوهر الدين،
وتُلحق به البدع والخرافات شيئًا فشيئًا، وقد تستشري في بعض الأحيان لتشوه صورة
الإسلام النقية.
وهنا
يأتي دور العلماء والدعاة والمصلحين الذين ينادون بالدعوة إلى تطبيق الإسلام،
والعودة إلى مبادئه الصافية، وتطهيره من البدع والخرافات. وقد ظهر في القرن السابع
والثامن الهجريين علماء أفذاذ يمثلون هذا الاتجاه الإصلاحي، وكان الأشهر والأبرز
في هذه المدرسة شيخ الإسلام ابن تيمية، الذي وقف في وجه البدع والخرافات الموجودة
والمنتشرة في ذلك الوقت، ورفع الراية في وجه المبتدعة وغلاة الصوفية.
وكان
من نتيجة ذلك أن انقسم العلماء والفقهاء والحكام والناس في شأن ابن تيمية إلى
فريقين، فتحامل عليه علماء الصوفية، وكثير من الفقهاء والقضاة حتى وشوا به عند
الحكام، فوقف بعضهم بجانبه، والبعض الآخر وقف ضده، وكان من الذين وقفوا مع ابن
تيمية وناصروه ابن كثير رحمه الله.
تعرف على شخصية الحسن بن على والحسين بن على ومكانتهما
مع تمنياتى بالسعادة والرضا